قال الله تعالى : {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} [الفجر: 1- 3]
قال ابن الجوزي في تفسيره المسمى "زاد المسير في علم التفسير" (437/4- 438): قوله عزّ وجلّ: وَلَيالٍ عَشْرٍ فيها أربعة أقوال:
أحدها: أنه عشر ذي الحجة، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وقتادة، والضحاك، والسدي ومقاتل. والثاني: أنها العشر الأواخر من رمضان، رواه أبو ظبيان عن ابن عباس.
والثالث: العشر الأول من رمضان، قاله الضحاك.
والرابع:العشر الأول من المحرم، قاله يمان بن رئاب. انتهى كلامه
وقال ابن كثير في "تفسيره" (8/381):أما الفجر فمعروف وهو الصبح، قاله علي وابن عباس وعكرمة ومجاهد والسدي، وعن مسروق ومحمد بن كعب ومجاهد: المراد به فجر يوم النحر خاصة، وهو خاتمة الليالي العشر، وقيل المراد بذلك الصلاة التي تفعل عنده كما قاله عكرمة، وقيل المراد به جميع النهار، وهو رواية عن ابن عباس، والليالي العشر المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف.
وقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس مرفوعا:
«مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» يَعْنِي عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ قَالُوا: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلًا خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعُ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»
وقيل: المراد بذلك العشر الأول من المحرم، حكاه أبو جعفر بن جرير ولم يعزه إلى أحد، وقد روى أَبُو كُدَيْنَةَ عَنْ قَابُوسُ بْنُ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَيالٍ عَشْرٍ قَالَ: هُوَ الْعَشْرُ الْأَوَّلُ مِنْ رَمَضَانَ، وَالصَّحِيحُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ. انتهى كلامه.
(يقصد ابن كثير بالقول الأول يعني قول ابن عباس من أنها المراد بها عشر ذي الحجة)
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (2/460): والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيره" انتهى كلاهه.
وقد كان السلف الصالح- رحمهم الله- يخصون ليالي العشر بمزيد من العبادة، فيضاعفون من قيامهم لربهم تلك الليالي، يهجرون مضاجعهم، وينتصبون حطامها، فلنغتنم فرصِ الأعمالِ الصالحات في هذه الأيام وربنا يتقبل منا ومنكم.