ﻣﻦ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﺴﻮﺭ ﻧﺰﻭﻻ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﺳﻮﺭﺓ )ﺍﻟﻤﺪﺛﺮ،( ﻭﻓﻴﻬﺎ
ﻳﻘﻮﻝ ﺭﺑﻨﺎ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ: )ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺪﺛﺮ
ﻗﻢ ﻓﺄﻧﺬﺭ. ﻭﺭﺑﻚ ﻓﻜﺒﺮ. ﻭﺛﻴﺎﺑﻚ ﻓﻄﻬﺮ.
ﻭﺍﻟﺮﺟﺰ ﻓﺎﻫﺠﺮ. ﻭﻻ ﺗﻤﻨﻦ ﺗﺴﺘﻜﺜﺮ.
ﻭﻟﺮﺑﻚ ﻓﺎﺻﺒﺮ،( ﻭﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺎﺕ
ﺍﻟﻘﻠﻴﻠﺔ، ﺍﻟﻘﺼﻴﺮﺓ
ﺃﻭﺍﻣﺮ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﺍﻟﻤﺪﻯ .. ﻭﻟﻜﻦ- ﻓﻲ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ- ﻟﻨﺎ ﻭﻗﻔﺔ ﻣﻊ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ
ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ )ﻗﻢ
ﻓﺎﻧﺬﺭ.(
ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻧﺒﻴﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﻡ، ﻓﻬﻞ ﻧﻔّﺬ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ؟
ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ
ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻧﻌﻢ، ﻓﺤﺎﺷﺎﻩ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﻌﺼﻲ ﺭﺑﻪ ﻭﻣﻮﻻﻩ.. ﻭﻳﺒﺮﺯ
ﺳﺆﺍﻝ ﺁﺧﺮ:
ﻟﻘﺪ ﻗﺎﻡ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﺇﺫﻥ ﻓﻤﺘﻰ ﺟﻠﺲ؟
ﻭﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﺗﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻗﻠﻴﻞ: ﻟﻢ
ﻳﺠﻠﺲ
ﻣﻄﻠﻘﺎ.. ﻟﻢ ﻳﺨﻠﺪ ﻟﻠﺮﺍﺣﺔ ﻭﺍﻟﺴﻜﻮﻥ ﺃﺑﺪﺍ..
ﺃﻣﺮﻩ ﺭﺑﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﻡ ﻓﻘﺎﻡ
ﻭﻇﻞ- ﺑﺄﺑﻲ ﻫﻮ ﻭﺃﻣﻲ- ﻗﺎﺋﻤﺎ ﻟﻤﺪﺓ ﺛﻼﺙ
ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ
ﺳﻨﺔ، ﻟﻢ ﻳﺮﻛﻦ ﻟﻠﺮﺍﺣﺔ ﻭﻟﻢ ﻳﻠﺠﺄ ﻟﻠﺪﻋﺔ
ﻭﺍﻟﻬﻨﺎﺀ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻛﻔﺎﺡ ﻣﺘﻮﺍﺻﻞ
ﻭﻋﺐﺀ
ﻣﺴﺘﻤﺮ ﻭﻋﻤﻞ ﻣﻤﺘﺪ، ﻭﻧﺸﺎﻁ ﻻ ﻳﺨﺒﻮ،
ﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻣﻦ ﺩﺭﺱ ﺣﺘﻰ ﻳﺒﺪﺃ ﻏﻴﺮﻩ،
ﻭﻣﺎ ﺃﻥ
ﻳﻔﺮﻍ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺣﺘﻰ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﺑﻐﻴﺮﻫﺎ،
ﻭﻣﺎ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺮﻳﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﻌﻘﺪ ﻟﻮﺍﺀ
ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﻴﻬﺎ،
ﻭﻣﺎ ﻳﻘﻠﺐ ﺻﻔﺤﺔ ﺟﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ
ﺣﺘﻰ ﻳﺸﺮﻉ ﻓﻲ ﺻﻔﺤﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ، ﺑﻌﺪ
ﺍﻟﻨﺰﻭﻝ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺑﻬﺎ ﻭﻗﺒﻞ ﺑﺪﺀ
ﺍﻟﻐﺰﻭﺍﺕ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻣﺜﻞ ﺑﺪﺭ ﻭﺃﺣﺪ
ﻭﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﻛﺎﻥ
ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻌﻘﺪ ﻟﻮﺍﺀ
ﺳﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻬﺮ.. ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ
ﻣﻦ
ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ : ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ، ﺷﻮﺍﻝ، ﺫﻱ
ﺍﻟﻘﻌﺪﺓ.. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺻﻔﺮ،
ﺭﺑﻴﻊ ﺍﻷﻭﻝ،
ﺟﻤﺎﺩﻯ ﺍﻷﻭﻟﻰ، ﻭﺭﺟﺐ.. ﻓﻲ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺸﻬﻮﺭ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺟﻴﺶ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ: ﻋﺸﺮﻭﻥ ﺃﻭ
ﺛﻼﺛﻮﻥ ﺃﻭ ﺳﺒﻌﻮﻥ ﻭ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﻣﺎﺋﺘﺎ ﻣﻘﺎﺗﻞ
ﻳﺨﺮﺟﻮﻥ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ.. ﻋﻤﻞ
ﻣﺘﻮﺍﺻﻞ ﻭﻛﻔﺎﺡ
ﺩﺍﺋﺐ.
ﻭﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺗﺒﺪﺃ ﺍﻟﻐﺰﻭﺍﺕ، ﻭﻳﻨﻬﺰﻡ
ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻮﻥ ﻓﻲ ﺑﺪﺭ، ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﻌﻮﺩﻭﻥ
ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ
ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻳﻘﻮﻝ ﺯﻋﻴﻤﻬﻢ
ﻳﻮﻣﻬﺎ )ﺃﺑﻮ ﺳﻔﻴﺎﻥ
ﻣﻮﻋﺪﻧﺎ ﺑﺪﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ
ﺍﻟﻤﻘﺒﻞ..
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﻋﺪ ﻳﺨﺮﺝ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ
ﻟﻤﻼﻗﺎﺗﻬﻢ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻟﻢ ﻳﻘﻊ، ﻭﻟﻜﻦ
ﺟﺎﺀﻭﺍ ﺑﻌﺪ ﻗﻠﻴﻞ
ﺑﺠﻴﺶ ﺟﺮﺍﺭ ﻓﻲ )ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ( ﻭﻳﻌﺰ ﺍﻟﻠﻪ
ﺟﻨﺪﻩ، ﻭﻳﻨﺼﺮﻩ ﻋﺒﺪﻩ، ﻭﻳﻬﺰﻡ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ
ﻭﺣﺪﻩ ..
ﻭﻟﻜﻦ ﺗﻈﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﺑﺮﺓ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻭﻳﻈﻞ
ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﺪﺍﻣﻲ ﻣﺘﺼﻼ، ﻓﻬﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﺒﻲ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺪ ﻓﺰﻉ ﻣﻦ ﻏﺰﻭﺓ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺑﻌﺪ
ﻧﺼﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ، ﻭﺭﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ.. ﻓﺠﺎﺀﻩ
ﺟﺒﺮﻳﻞ
ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻈﻬﺮ ﻭﻫﻮ ﻳﻐﺘﺴﻞ
ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﺃﻡ ﺳﻠﻤﺔ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻭ ﻗﺪ ﻭﺿﻌﺖ
ﺍﻟﺴﻼﺡ؟ ﻓﺈﻥ
ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻟﻢ ﺗﻀﻊ ﺃﺳﻠﺤﺘﻬﻢ، ﻭﻣﺎ
ﺭﺟﻌﺖ ﺍﻵﻥ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻘﻮﻡ،
ﻓﺎﻧﻬﺾ ﺑﻤﻦ ﻣﻌﻚ ﺇﻟﻰ
ﺑﻨﻲ ﻗﺮﻳﻈﺔ ﻓﺈﻧﻲ ﺳﺎﺋﺮ ﺃﻣﺎﻣﻚ ﺃﺯﻟﺰﻝ
ﺑﻬﻢ ﺣﺼﻮﻧﻬﻢ، ﻭﺃﻗﺬﻑ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ
ﺍﻟﺮﻋﺐ.. ﻓﺄﻣﺮ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﺆﺫﻧﺎ
ﻓﺄﺫّﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ: ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﺳﺎﻣﻌﺎ
ﻣﻄﻴﻌﺎ ﻓﻼ
ﻳﺼﻠّﻴَﻦّ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺑﻨﻲ ﻗﺮﻳﻈﺔ..
ﻭﺧﺮﺝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﻣﻮﻛﺒﻪ
ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻭﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻓﻜﺎﻥ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ
ﻣﻦ ﺃﻣﺮ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻐﺰﻭﺓ ﻭﻧﺼﺮﻫﺎ ﺍﻟﺒﺎﻫﺮ.
ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺜﺎﺑﺮﺓ ﺇﺫﻥ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﺘﺼﻞ، ﻟﻢ
ﺗﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺭﺍﺣﺔ.. ﻓﻬﺎ ﻫﻮ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻳﻌﻮﺩ ﻣﻦ ﻏﺰﻭﺓ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻲ
ﺍﻟﻤﺮﻋﺐ: ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻭﺍﻟﺒﺮﺩ ﻭﺍﻟﺨﻮﻑ، ﻭﻻ
ﺗﺘﺮﻛﻪ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ
ﻟﻴﺴﺘﺠﻢ.. ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺻﻠﺔ..
ﺩﻭﻥ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ.
ﺇﻧﻬﺎ ﻣﺜﺎﺑﺮﺓ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﻻ ﺃﺻﺤﺎﺏ
ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ!