ﺍﻟﻤﻘﺮﺭ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ
ﻣﺒﻨﺎﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﻗﻴﻒ، ﻓﻼ ﻳﻌﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻻ
ﺑﻤﺎ ﺷﺮﻋﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ
ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ. ﻭﻛﻞ ﺃﻣﺮ
ﻟﻢ ﻳﺮﺩ ﺑﻪ ﻧﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻓﻔﻌﻠﻪ
ﻭﺍﻟﺘﻘﺮﺏ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺪﻉ. ﻟﻘﻮﻝ
ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ )ﻣﻦ ﺃﺣﺪﺙ
ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻧﺎ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﻨﻪ ﻓﻬﻮ ﺭﺩ.(
ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻤﻊ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎﺕ
ﻟﻠﺒﺪﻋﺔ ﻗﻮﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻃﺒﻲ ﻓﻲ
ﺍﻻﻋﺘﺼﺎﻡ: )ﻓﺎﻟﺒﺪﻋﺔ ﺇﺫﻥ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ
ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺨﺘﺮﻋﺔ ﺗﻀﺎﻫﻲ
ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ.( ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﺴﻠﻮﻙ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺒﺪ ﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ. ﻗﺎﻝ
ﺍﻟﺸﺎﻃﺒﻲ ﻓﻲ ﺑﻴﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ) :ﻗﻮﻟﻪ
ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪ: )ﺗﻀﺎﻫﻲ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ( ﻳﻌﻨﻲ :
ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺸﺎﺑﻪ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ
ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻛﺬﻟﻚ، ﺑﻞ ﻫﻲ
ﻣﻀﺎﺩﺓ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻭﺟﻪ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ. ﻣﻨﻬﺎ
ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ: ﻛﺎﻟﻨﺎﺫﺭ ﻟﻠﺼﻴﺎﻡ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﻻ
ﻳﻘﻌﺪ. ﻭﻣﻨﻬﺎ: ﺍﻟﺘﺰﺍﻡ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻬﻴﺌﺎﺕ
ﺍﻟﻤﻌﻴﻨﺔ ﻛﺎﻟﺬﻛﺮ ﺑﻬﻴﺌﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﻋﻠﻰ
ﺻﻮﺕ ﻭﺍﺣﺪ، ﻭﺍﺗﺨﺎﺫ ﻳﻮﻡ ﻭﻻﺩﺓ ﺍﻟﻨﺒﻲ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻴﺪﺍ ﻭﻣﺎ ﺃﺷﺒﻪ
ﺫﻟﻚ. ﻭﻣﻨﻬﺎ: ﺍﻟﺘﺰﺍﻡ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﻌﻴﻨﺔ
ﻓﻲ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻟﻢ ﻳﻮﺟﺪ ﻟﻬﺎ ﺫﻟﻚ
ﺍﻟﺘﻌﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ، ﻛﺎﻟﺘﺰﺍﻡ ﺻﻴﺎﻡ
ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﻣﻦ ﺷﻌﺒﺎﻥ ﻭﻗﻴﺎﻡ ﻟﻴﻠﺘﻪ(
ﺍﻧﺘﻬﻰ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺸﺎﻃﺒﻲ. ﻭﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ
ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺳﻮﺭﺓ
ﻳﺎﺳﻴﻦ ﻣﺜﻼ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﻭﻣﻮﺍﻇﺒﺘﻬﻢ
ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﻓﺄﺻﻞ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﻫﻮ ﻗﺮﺍﺀﺓ
ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺩﺧﻠﺖ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻟﺒﺪﻋﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻭﺍﺧﺘﺮﺍﻉ
ﺍﻟﻜﻴﻔﻴﺔ. ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻀﻮﺍﺑﻂ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺿﻌﻬﺎ
ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻟﻠﺒﺪﻋﺔ ﻗﻮﻟﻬﻢ: ﻛﻞ ﻋﻤﻞ ﻟﻢ
ﻳﻌﻤﻠﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻊ
ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻲ ﻟﻪ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﻤﺎﻧﻊ ﻣﻦ
ﻓﻌﻠﻪ، ﻓﻔﻌﻠﻪ ﺍﻵﻥ ﺑﺪﻋﺔ. ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺨﺮﺝ
ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺘﺮﻭﺍﻳﺢ ﻭﺟﻤﻊ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﺎﻷﻭﻟﻰ
ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﺎﻧﻊ ﻭﻫﻮ
ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻔﺮﺽ. ﻭﺃﻣﺎ ﺟﻤﻊ
ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻠﻢ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻟﻌﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻲ
ﻟﺬﻟﻚ، ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﺗﺴﻌﺖ ﺍﻟﻔﺘﻮﺡ
ﻭﺧﺎﻑ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻣﻦ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﻌﺠﻤﺔ
ﺟﻤﻊ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ.
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻋﻠﻢ